اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 66
تعملون فيحذركم بذلك. ثم ذكر التعزية للنبي صلى الله عليه وسلم لكيلا يحزن على تكذيبهم إياه، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا فقال تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ، قال ابن عباس: يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلم خاصة. وقال بعضهم: أراد به النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، أفتطمعون أن يصدقوكم وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ؟ فإن أراد به النبيّ صلّى الله عليه وسلم خاصة، فمعناه أفتطمع أن يصدقوك؟
وقد يذكر لفظ الجماعة ويراد به الواحد، كما قال في آية أخرى مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ [يونس: 83] ، وقال تعالى: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ [القصص: 76] ، وقال تعالى: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ [هود: 14] ، أراد به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة كذلك هاهنا. ثم قال: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ، قال في رواية الكلبي: يعني السبعين الذين ساروا مع موسى- عليه السلام- إلى طور سيناء فسمعوا هناك كلام الله تعالى، فلما رجعوا قال سفهاؤهم: إن الله أمر بكذا بخلاف ما أمرهم، فذلك قوله تعالى: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أي غيروه من بعد ما حفظوه وفهموه. وقال بعضهم: إنما أراد به الذين يغيرون التوراة. وقال بعضهم: يغيرون تأويله وهم يعلمون.
[سورة البقرة (2) : الآيات 76 الى 78]
وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78)
قوله عز وجل: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا، يعني المنافقين منهم قالُوا للمؤمنين آمَنَّا، أي أقررنا بالذي أقررتم به. وهم منافقو أهل الكتاب. وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، يعني إذا رجعوا إلى رؤسائهم، قالُوا لبعضهم: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، أي أتخبرونهم بأن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كتابكم فيكون ذلك حجة عليكم؟ أَفَلا تَعْقِلُونَ أن ذلك حجة لهم عليكم؟ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ، أي ليخاصموكم عِنْدَ رَبِّكُمْ باعترافكم أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي لا تتبعوه أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ أي أفليس لكم ذهن الإنسانية؟ لا ينبغي لكم هذا فيما بينكم. أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ. قال بعضهم:
ما يسرون فيما بينهم وما يعلنون مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتابَ، أي مّنْ أَهْلِ الكتاب وهم السفلة أميون لا يقرءون الكتاب، لا يحسنون قراءة الكتاب ولا كتابته. وقال الزجاج: الأمي المنسوب إلى
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 66